يبدو أن عطلة الصيف ستتأخر قليلا بالنسبة لبعض كبار المستثمرين العقاريين في طنجة، بعدما علم موقع “طنخرينو” من مصادر خاصة أن لجنة مختلطة تضم ممثلين عن مختلف المصالح الإدارية والرقابية بصدد القيام بجولات ميدانية تمتد من جماعة اجزناية إلى منطقة المنار.
الهدف؟ التحقق مما إذا كانت المشاريع العقارية في المنطقة تشتغل وفقا لقوانين التعمير، أم أنها قررت كالعادة أن تبتكر قوانينها الخاصة.
وفي هذا الإطار، تستعد اللجنة، وهي مدججة بتقارير تقنية دقيقة، لمعاينة عدد من المشاريع الكبرى التي تحوم حولها شبهات تجاوز الرخص، سواء من حيث عدد الطوابق، أو تغيير طابع الاستعمال، أو ببساطة البناء في مناطق لم تدرج أصلا في أي وثيقة تعمير، اللهم إلا في أحلام بعض المستثمرين الطموحين جدا.
من جهة أخرى، لا يبدو أن هذا التحرك يأتي صدفة، فالأمر يتعلق بمحاولة لاسترجاع هيبة القانون، التي فقدت بعضا من بريقها في وجه أباطرة العقار المحليين، المعروفين بشغفهم الكبير بهندسة “الاستثناءات”، أكثر من التزامهم بدفاتر التحملات.
ويؤكد مصدر مسؤول، أن اللجنة سترفع نتائج عملها مباشرة إلى والي الجهة، يونس التازي، الذي لا تسجل عليه ميوعة في التعاطي مع الخروقات.
الرجل، بحسب كثير من المتابعين، لا يفضل الحلول الوسط، ولا يميل كثيرا إلى تلك “التفاهمات” التي كانت تُحل بها مثل هذه الملفات سابقا.
الوالي التازي، المعروف بصرامته وحديثه الواضح، سبق وأن أعلن أكثر من مرة أن زمن التغاضي قد ولى، وأن “العدالة العمرانية تبدأ من احترام القانون، لا من الاستثناءات” ،وهي جملة أزعجت على الأرجح كثيرا من محبي اللعب في المساحات الرمادية.
وتعكس هذه التحركات الرسمية وعيا متزايدا بضرورة كبح جماح الدينامية العقارية المنفلتة، التي وإن كانت تدر أرباحا سريعة، فإنها قد تترك وراءها مدينة مشوهة، وأحياء عشوائية بأسماء أنيقة.
ويخشى كثيرون، أن تتحول طنجة إلى نموذج جديد لفوضى البناء المقنن، إن لم تتم محاسبة المتجاوزين، خصوصا أن المواطن البسيط يجد نفسه غالبا محاصرا بشقق باهظة الثمن، مبنية على “استثناءات”، ولا يعرف أصلها من فصلها.
وتبقى أعين سكان طنجة، متجهة نحو هذه اللجنة، لا حبا في المشاهدة، بل لأن الأمل ما زال معلقا بأن يأتي يوم يُعامل فيه الجميع وفق نفس القانون.
يوم لا تكون فيه الرخص مجرد أوراق رسمية، ولا يصبح فيه التجاوز جزءا من دفتر التحملات غير المكتوب.
أما المستثمرون الذين اعتادوا التجاوز، فربما حان الوقت ليكتشفوا أن “اللعب فوق القانون” لم يعد مضمونا، وإن كان بعضهم لا يزال يعتقد أن العلاقات العامة يمكنها إصلاح كل شيء، حتى الشقق المبنية فوق الشبهات.