وسط مشهد اختلطت فيه مصلحة التلميذ القروي بترقيع الخلافات الحزبية، تم صباح اليوم تسليم سيارات النقل المدرسي لفائدة شركة التنمية الإقليمية “طريق المعرفة”، من طرف جمعيات المجتمع المدني بعدد من الجماعات القروية بعمالة طنجة-أصيلة،و بحضور رسمي لافت.
وفي هذا الإطار، حضر حفل التسليم والي الجهة يونس التازي، إلى جانب رئيس المجلس الإقليمي محمد الحميدي، وعمدة مدينة طنجة منير ليموري، ومدير وكالة تنمية أقاليم الشمال منير البيوسفي، في مشهد أراد له المنظمون أن يكون إدارياً وتنموياً لكنه تحول فجأة إلى ما يشبه عرضاً سياسياً بـ”رسائل مشفرة”.
ومن جهة أخرى، بدا واضحاً أن المناسبة لم تكن فقط لتسليم مفاتيح حافلات مدرسية، بل أيضا لتسليم إشارات تهدئة من داخل بيت الأصالة والمعاصرة، حيث ظهر الحميدي وليموري جنباً إلى جنب، يتبادلان الكلمات والابتسامات، وكأن شيئاً لم يكن.
نعم، نفس الرجلين اللذين شغلت أخبار خلافهما الرأي العام المحلي، وكادت أن تتحول إلى مسرحية بلدية من فصلين!
و أسرّت مصادر حزبية مطلعة بأن “الخلاف أساساً لم يكن”، وأن ما حدث من تضامن الحميدي مع البرلمانية الاتحادية سلوى الدمناتي في واقعة “مسؤول التواصل” لم يكن سوى “اجتهاد شخصي” لا يلزم الحزب في شيء، ولا يعكس توجهاً تنظيمياً.
ولأن السياسة تُتقن فن التراجع، جرى توصيف هذا الخلاف بأنه “ظاهرة صحية”، وكأننا أمام تقرير طبي لحزب يُعاني من صداع موسمي خفيف.
ومن المثير أن حفل اليوم بدا كما لو أنه محاولة لغسل الغبار عن واجهة حزب بدأ يفقد وهج “الانسجام الداخلي”، فجاءت الصور والتقاطات الكاميرا لتقول للمشككين: “كل شيء على ما يرام، فقط لا تفتحوا الكواليس!”.
في نهاية المشهد، سُلّمت الحافلات، وابتسم المسؤولون، واختفت الخلافات… إلى إشعار آخر. أما الواقع، فربما يحتاج إلى أكثر من “طريق المعرفة” ليصل إلى الحقيقة.