علمت “طنخرينو” من مصادر خاصة، مطلعة على خبايا الكواليس أكثر مما تعرف برامج الحزب، أن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بطنجة أصيلة يعيش منذ أسابيع على وقع صراع داخلي محتدم بين عبد القادر بن الطاهر، النائب البرلماني النشيط، وسلوى الدمناتي، النائبة البرلمانية التي دخلت البرلمان عبر “تزكية مفروشة بالورود”، بفضل ما تصفه مصادرنا بـ”صفقة سياسية محكمة” نسج خيوطها يوسف بن جلون، ومرت من بوابة اللائحة الجهوية للنساء.
كما تشير المعطيات، أن المعركة بين الطرفين، لا علاقة لها بالرؤية السياسية أو بتقييم الأداء، بل هي ببساطة صراع على المقعد والمجد الشخصي، وتصفية حسابات انتخابية قديمة، تحت شعار: “الكرسي لمن استطاع إليه سبيلاً”.
وتقول مصادرنا إن سلوى الدمناتي تحاول اليوم، بدعم من يوسف بن جلون، القفز من “الكوطا” إلى دائرة التنافس الحقيقي، بمحاولة نيل تزكية الحزب للترشح عن دائرة طنجة أصيلة.
ويبدو أن السيدة النائبة قررت أن الوقت قد حان لارتداء عباءة “الزعامة”، رغم أن غالبية المناضلين يدركون تماما كيف ولجت قبة البرلمان: صفقة خلف الكواليس، تنازل فيها بن جلون عن قناعاته وفرض على إدريس لشكر إقصاء قيدومة الاتحاديات بجهة الشمال، فاطمة الزهراء الشيخي، مقابل الدفع بالدمناتي إلى البرلمان.
في المقابل، تؤكد مصادرنا أن عبد القادر بن الطاهر، الذي فرض نفسه داخل دواليب الحزب بفضل نشاطه الميداني وقربه من القواعد، لن يتخلى بسهولة عن مقعده، خاصة في ظل ما يحظى به من دعم من القيادة الجهوية والمكتب السياسي، وربما حتى من بواب المقر المركزي .
بمعنى آخر: هو “ابن شرعي” للترشيح، عكس خصومه الذين يعتمدون على “رضاعة الصفقات”.
أما يوسف بن جلون، فالأمر بالنسبة إليه يتجاوز مجرد دعم مرشحة، إذ تشير المعطيات إلى أنه يسعى لتصفية حساب شخصي مع بن الطاهر، بعد أن رفض الأخير في الانتخابات الماضية التنازل له عن المقعد النيابي، رغم اتفاق مسبق حين كانا وكيل اللائحة ووصيفها، غير أن بن الطاهر، كغيره من السياسيين “الواقعيين”، قرر التراجع عن وعده، واحتفظ بالمقعد، لتبدأ بذلك قطيعة لا تزال مستمرة حتى اليوم، وإن كانت تختفي مؤقتا أمام عدسات الكاميرا.
وفي هذا السياق، يصف بعض مناضلي حزب الوردة هذا الصراع بأنه “صراع على السلطة في جمهورية صغيرة”، حيث لا توجد رهانات سياسية حقيقية، ولا نقاشات حول البرامج، بل مجرد حروب مواقع بين شخصيات تعتبر نفسها زعامات، في وقت فقد فيه الناخب الثقة في الزعامة والبرامج معا.
أما القيادة الوطنية للحزب، فهي تواصل ممارسة هوايتها المفضلة: الصمت التكتيكي. ولا شيء يوحي بنيتها التدخل، إذ يبدو أنها منشغلة بإعداد وصفة جديدة لتوزيع التزكيات، تراعي “التوازنات” و”الترضيات”، في ظل اقتصاد سياسي داخلي عنوانه: من ليس له دعم مركزي، فليبحث عن حزب آخر.
وهكذا، وبين بن الطاهر الذي يرى نفسه الوريث الشرعي، والدمناتي التي تؤمن أن الكرسي لا يمنح بل ينتزع، يبدو أن حزب الوردة في طنجة اختار أن يستقبل الاستحقاقات التشريعية المقبلة وهو منقسم على نفسه، تحركه الذاكرة الانتقامية أكثر من الرغبة في الإقناع السياسي.
والنتيجة؟حزب يفترض أنه يساري تقدمي، يدار بعقلية الصفقات القديمة، وتسير فيه التزكيات بمنطق: من ضربك بالأمس، اسع لضربه اليوم… فالغد لا يضمنه أحد.