ضمن مشهد عبثي جديد، لا يمكن تصنيفه سوى تحت عنوان: “الانحطاط عندما يركب دراجة نارية”، وثق مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة صادمة بشارع كورنيش “البلايا” في طنجة، يظهر فيها شاب وهو يعتلي دراجة نارية ويقوم بضرب فتاة على مؤخرتها أثناء عبورها ممر الراجلين، قبل أن يفر وكأن شيئا لم يكن.
وفي ذات السياق، تساءل المغاربة بمرارة على منصات التواصل: هل نحن أمام مشهد “كوميدي وقح” أم أمام جريمة مكتملة الأركان؟ كيف لشاب أن يتحول إلى مفترس في الشارع العام نهارا جهارا، أمام المارة، ووسط مدينة يفترض أنها مرشحة لاحتضان تظاهرات عالمية؟ لا تفسير سوى أن بعض العقول تحتاج إعادة تشغيل عاجلة، أو بالأحرى، مسح كامل للذاكرة ثم تحميل برنامج “الاحترام العام 1.0”.
وعبر نشطاء عن قلقهم المتزايد من اتساع رقعة الانفلات الأخلاقي في الشوارع، متهمين المنظومة التعليمية بـ”الفشل التربوي الممنهج”، والمخدرات بـ”النجاح الباهر” في قيادة عقول بعض الشباب نحو قاع السلوك الإنساني.
وفي هذا الإطار، تساءل آخرون: كيف ستستعد طنجة لاحتضان الزائرات من البرازيل وكولومبيا وأمريكا الشمالية والدول الإسكندنافية، المعروفة نساؤها بلباسهن الفاتن وظهور مفاتن أجسادهن دون تحفظ، وجمالهن العابر للقارات؟ هل سنستقبل هؤلاء السائحات بدراجات نارية وأياد وقحة؟ أم بكاميرات محمولة توثق لحظات التحرش بدقة 8K، وكأننا نقدم “عرضا فلكلوريا” في انعدام الأخلاق؟ يبدو أن بعض العقول لم تستوعب بعد أننا في عصر الصورة، وأن أي حماقة صغيرة في كورنيش طنجة يمكن أن تصبح فضيحة كونية في ثوان معدودة.
وتجدر الإشارة إلى أن الفيديو، رغم فظاعته، قدم خدمة غير مقصودة، حيث كشف عن الخلل البنيوي في منظومة “الأمن الثقافي والاجتماعي”، وأعطى صفعة رمزية إلى جانب الصفعة الجسدية لكل من يعتقد أن طنجة جاهزة لتكون واجهة سياحية عالمية بدون إعادة تأهيل سلوكي لمواطنيها.
من جانب آخر، ارتفعت الأصوات المطالبة باعتقال المتحرش فوراً، ليس فقط رداً على فعلته، بل حتى لا يعتقد أن البطولة تكمن في أن تصبح “ترند” على تيك توك، بينما أنت في الحقيقة مجرد عار متحرك فوق عجلتين.
خلاصة القول؟ إذا لم تتم محاسبة هذا النموذج المريع، فإننا نهيئ أنفسنا، طوعا أو غباء، لنصبح أبطالا في “سلسلة فضائحية” ستعرض على العالم خلال التظاهرات الدولية القادمة، بجودة عالية طبعا، وتحت عنوان صارخ: “شباب بلا وعي، وقوانين بلا حزم، ومدينة تبحث عن وجه حضاري وسط غبار الطروطوار”.