بينما يفترض أن يشرف المنتخبون على احترام القانون وتنظيم المدينة، اختار أحد نواب رؤساء المقاطعات بطنجة أن يسلك مسارا معاكسا، ليصبح اسمه مرادفا للتجزيء السري، الترامي على الأراضي، والبناء العشوائي في مناطق السانية والهرارش.
مصادر “طنخرينو” أكدت أن الرجل يتابع حاليا في حوالي عشرين قضية قضائية، بعضها لا تزال جارية، وهو رقم يكاد يحول اسم المستشار إلى عنوان لا ينسى في سجلات المحاكم.
والغريب أن هذا الكم الهائل من الملفات لم يبد وكأنه يقلق المنتخب، بل على العكس، بدا وكأنه يتعامل معها كجزء من نشاطه السياسي أو حتى “مشروعه التنموي الخاص”.
واحدة من أكثر القضايا إثارة للسخرية “لو لم تكن مأساوية” هي تلك التي رفعها مواطن اكتشف أنه وقع ضحية نصب عقاري، بعدما اشترى قطعة أرض من المستشار ليكتشف لاحقاً أن نفس الأرض بيعت لشخص آخر ،المواطن لم يستسلم للضغوط أو المغريات التي حاول المستشار من خلالها إقناعه بسحب الشكوى، وأصر على المضي قدماً في مسار المحاكم.
أما في قضية أخرى، فتواجه المستشار تهمة تزوير وثائق بيع قطع أرضية تقع داخل عقار متنازع عليه في مناطق السانية والهرارش، تبلغ مساحته أكثر من 5000 متر مربع.
هنا، وجد مالك الأرض نفسه فجأة في مواجهة مع “لوبي البناء العشوائي” الذين يتربصون بالعقار، ومستعدين لبدء تشييد مساكن فاخرة، مستندين إلى عقود شراء مريبة لم يبت فيها القضاء بعد.
ورجحت مصادر مطلعة أن المستشار ليس وحده في هذه “المغامرة”، بل هو جزء من شبكة علاقات داخل المجلس الجماعي، حيث ينسج البعض خيوطا من المصالح الشخصية على حساب النظام وقوانين التعمير، ما يعكس أزمات حقيقية في تدبير الشأن المحلي.
الساكنة، من جانبها، تبدو أكثر تشككا من أي وقت مضى في قدرة المسؤولين على حماية حقوقها وممتلكاتها، خاصة في ظل تفشي ظاهرة البناء العشوائي والتجزيء غير القانوني التي تهدد استقرار الأحياء وتدفع بأسعار العقار إلى التقلبات.
ويحتم هذا الوضع على السلطات المعنية أن تأخذ زمام المبادرة في محاربة الفساد والمخالفات، وأن تضع حداً للعبث بأراضي المدينة، كما أن الوقت قد حان لتفعيل المراقبة القضائية والسياسية بشكل حقيقي وفعال، بعيداً عن التستر والتواطؤ.
وتبقى طنجة أمام تحديات جسيمة، فمن سيعيد لها صورتها الحضرية المتجددة التي تستحقها؟ وهل سنشهد أخيرا محاسبة حقيقية تحرر المدينة من قيود “البناء العشوائي” والمصالح الخاصة؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.