خرج عبد اللطيف الغلبزوري، الأمين الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بتصريحات مثيرة خلال أشغال الدورة الثانية للمجلس الوطني للحزب، قائلاً إن أبناء الريف ما زالوا أسرى لخطاب عدمي تجاوزه الزمن.
وفي هذا السياق، لم يتردد الغلبزوري، وهو ابن منطقة الريف، في التصريح بأنه تخلص من هذا “الخطاب العدمي”، واصفا أبناء منطقته، بشكل ضمني، بأنهم متشبثون برؤية سوداوية مفادها أن الدولة لا تستثمر في الريف، وأن المنطقة مهمشة.
وبدت تصريحات الغلبزوري وكأنها إعلان فك ارتباط رمزي ونفسي مع الريف، حين قال بوضوح إنه اليوم ينتمي إلى إقليم طنجة_أصيلة، بعد أن خرج من الريف قبل سنوات، وكأن الهوية الجغرافية تُمحى بمرور الزمن أو بتغيير مكان الإقامة الإدارية.
من جهة أخرى، لم يتوقف الغلبزوري عند هذا الحد، بل ذهب أبعد من ذلك حين اعتبر أن على أبناء الريف أن “يتخلصوا من هذا الخطاب” ويندمجوا في مسار التنمية، متجاهلا بذلك السياق الحقيقي الذي عرفته الحسيمة ومناطق أخرى من الريف، والتي شهدت احتجاجات سلمية لم ترفع سوى مطالب اجتماعية وتنموية، تتعلق بمشاريع البنية التحتية، والمرافق الصحية والتعليمية، وخلق فرص الشغل التي تحفظ كرامة المواطن.
وهي احتجاجات لم تكن تعبيرا عن خطاب عدمي، كما صورها، بل ممارسة مشروعة لحق دستوري في التعبير والمطالبة بالعدالة المجالية.
وفي هذا الإطار، قال الغلبزوري إن مدينة الحسيمة غير مقصية من مشاريع مجلس الجهة، وإنه يعمل على ضمان استفادتها من عدد من المشاريع المرتبطة بالبنية التحتية والمرافق الصحية والثقافية، لكنه لم يوضح طبيعة هذه المشاريع أو نسب إنجازها، مكتفيا بتكرار عبارات إنشائية لا تسندها الأرقام .
وأكد أحد الفاعلين الجمعويين بالحسيمة، رفضه القاطع لوصف أبناء الريف بالعدميين، قائلا: “ما نطلبه هو الإنصاف، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وخلق توازن جهوي حقيقي، لا خطابات التمجيد أو توزيع الأوصاف من فوق منصات المؤتمرات الحزبية”.
والخطير في التصريحات، أنها لم تصدر عن طرف خارجي أو جهة تتهم الريف بالتقوقع، بل جاءت من شخصية سياسية تنحدر من المنطقة نفسها، وتحتل موقعا قياديا في أحد أكبر الأحزاب الوطنية، ما يطرح علامات استفهام حول مدى استعداد بعض النخب للدفاع عن قضايا الجهات التي نشأت فيها.