مع أولى نسمات الصيف، لا تتأخر بعض “الابتكارات الطنجاوية” في الظهور، أحد هذه الابتكارات التي باتت من علامات الموسم: المسابح المركبة فوق رمال الشاطئ، خصوصا في منطقتي سيدي قاسم وأشقار، حيث تُقام هذه “الواحات الاصطناعية” وسط البحر والناس، لكنها محاطة بأسرار أكثر من أسرار شركة كوكاكولا!
وفي هذا الإطار، تعود التساؤلات القديمة الجديدة: من يوزع رخص الاستغلال وكأنها “أوراق اليانصيب”؟ كيف تفوت هذه المشاريع التي تدر الملايين، في حين لا يعلم المواطن حتى إن كان من حقه الترشح؟ ومن هم أصحاب الحظ السعيد الذين يمنحون حق تحويل الشاطئ إلى مشروع تجاري خاص ومربح، بينما يمنع الآخرون حتى من نصب شمسية؟
من جهة أخرى، لم يعد الأمر يتعلق فقط بكراسي بلاستيكية وطاولات على الرمال، بل تطور الأمر إلى “منتجعات مصغرة” تُباع فيها الشيشة والمشروبات الكحولية بأريحية وكأننا في شاطئ ميامي، لا في مدينة يفترض أنها تحت رقابة السلطة والمنتخبين.
حفلات صاخبة، وموسيقى لا تنام، وأجواء تنافس أفخم النوادي الليلية بتايلاند وبالي وكوسطا دي صول،ولكن “بترخيص صيفي مؤقت”.
وفي ذات السياق، صار من المشروع أن نسأل: من يحمي هذا النوع من “الاستغلال الفندقي العشوائي”؟ وهل أصبحت الشواطئ ملكا خاصا لبعض المحظوظين، يُقام فيها ما يمنع في أماكن أخرى؟ أم أن “لوبي المسابح” صار أقوى من القانون وأعلى صوتا من مصالح المدينة؟
الواقع أن هذه المسابح الموسمية، التي يفترض أن تكون فضاءات ترفيهية للجميع، تحولت إلى رموز للتمييز والاستغلال الفج، حيث لا يدخلها إلا من يملك محفظة مليئة بالنقود أو يعرف كلمة السر.
أما المواطن العادي، فمكانه خارج الأسوار، محاصرا بالموسيقى العالية وروائح الشيشا.
وفي انتظار توضيحات رسمية إن وجدت يبقى الأمل أن تستفيق الجهات المعنية من “قيلولة الصيف”، وتعيد للملك العمومي هيبته، وللقانون سلطته، وللشاطئ طابعه الطبيعي، بعيدا عن حفلات المجون وأصوات “الدي جي”، التي لا تليق بمدينة ذات تاريخ، يراد لها أن تتحول إلى ساحة استغلال موسمي بلا حدود ولا خجل.