أطلقت جمعية حي رياض أهلا للتنمية والبيئة والرياضة والثقافة بمدينة طنجة، وبدعم مباشر من نادي رياض أهلا لكرة القدم، نداءً مفتوحاً إلى السلطات الولائية والجماعية، طالبت فيه بإنقاذ ما تبقى من حي أُريد له أن يكون “نموذجياً”، فانتهى به المطاف إلى حظيرة عمرانية مشوهة، تتقاسمها شركة عقارية فاقدة للذاكرة وبلدية يبدو أنها في عطلة دائمة.
وأعربت الجمعية عن استيائها من الوضعية القانونية والإدارية الشائكة التي يعرفها الحي، مشيرة إلى أن محضر التسليم المؤقت للشطر الثالث من التجزئة تم توقيعه منذ دجنبر 2017، إلا أن جماعة طنجة، وربما بفعل انشغالات أهم، لم تجد بعد الوقت الكافي لاستكمال إجراءات التسليم النهائي.
النتيجة؟ مرافق عمومية مجمدة، ووثائق رسمية لا تساوي أكثر من الحبر الذي كتبت به.
ومن جهة أخرى، توقفت الأشغال فجأة في القطعة الأرضية رقم 607 المخصصة لملعب قرب، مباشرة بعد زيارة رسمية لوالي الجهة، في ما يشبه لعنة إدارية لا أحد يرغب في فك شفرتها.
ومنذ ذلك الحين، تحولت الأرض التي وُعد بها الأطفال إلى مطرح للبقايا، وكأن الفضاءات الرياضية خلقت فقط لتزين تصاميم المشاريع لا لتنفيذها.
وفي السياق ذاته، وجهت الجمعية اتهامات مباشرة للشركة العقارية، متهمة إياها بعدم تنفيذ أي من المرافق العمومية أو المناطق الخضراء الموعودة، بل ذهبت أبعد من ذلك بحسب البيان حين أقدمت على بيع بقع أرضية مخصصة أصلاً لمؤسسات تعليمية ومرافق رياضية، في خطوة وصفتها الجمعية بأنها “إعادة تعريف مبتكرة للملك العمومي” و”تحايل راقٍ على التخطيط الحضري”.
ومن جانبها، نبهت الجمعية إلى الانعكاسات الخطيرة لهذا الوضع على حياة السكان، خصوصاً الأطفال، الذين وجدوا أنفسهم يطاردون الكرة بين السيارات والبالوعات، في غياب أي فضاء آمن أو مؤطر.
يبدو أن الفضاءات العمومية في هذا الحي حكر على الخرسانة، لا على الطفولة.
وفي تصريح ساخر بمرارة، أكد نادي رياض أهلا لكرة القدم أن غياب الملعب لا يحرم فقط الأطفال من اللعب، بل يحرمهم من الشعور بأنهم مواطنون لهم نصيب من المرافق، وليس فقط من الفواتير والضرائب.
وأضاف أن البنية التحتية الرياضية في الحي أقرب إلى السراب منها إلى الواقع.
وفي هذا الصدد، دعت الجمعية إلى فتح تحقيق شفاف ومستقل في ما وصفته بـ”المهزلة التعميرية”، مع تسريع إجراءات التسليم النهائي للمرافق وتسجيلها في اسم الجماعة أو القطاعات الوزارية المعنية.
كما طالبت بإلزام الشركة العقارية بإتمام كافة التزاماتها، التي يبدو أنها تُعامَل كخيارات ثانوية، لا كعقود مُلزِمة.
وشددت الجمعية على ضرورة التدخل الفوري لإعادة تهيئة ملعب القرب رقم 607 وفتحه في وجه أطفال الحي، معتبرة أن السكوت على هذا الوضع يُعد خرقاً فاضحاً للمادة 83 من القانون التنظيمي للجماعات، وتواطؤاً ناعماً مع “لوبي الإسمنت” الذي يربح كثيراً حين نخسر نحن الفضاءات.
واختتمت الجمعية بيانها بتأكيد رفضها المطلق لاستمرار هذا العبث العمراني، داعية السلطات إلى أن تخرج من صمتها، وتتوقف عن دور المتفرج في مسلسل عنوانه “كيف تفقد الأحياء وجهها الحضاري وتتحول المرافق العمومية إلى مشاريع خاصة”.
ولتفادي أي شك في “المبالغة”، أُرفق البيان بوثائق رسمية وصور ميدانية تكشف حجم ما وصفته الجمعية بـ”الفضيحة المقننة”، من بينها نسخة من محضر التسليم، صور للقطعة المهملة، وبيان دعم من النادي المحلي في انتظار أن يتفاعل أحد، أو على الأقل يعترف بأن كرة القدم ليست وحدها التي تُلعب، بل حتى مصير الأحياء.