استغل النائب البرلماني عن إقليم طنجة أصيلة، عادل الدفوف، مداخلته الأخيرة تحت قبة البرلمان ليخوض، بكل ما أوتي من حماسة، في معركة “وطنية” من أجل إنقاذ قطاع النسيج.
لا، ليس من منطلق تشريعي أو اجتماعي، بل بصفته مستثمراً بارزاً في هذا القطاع، متقمصاً دور المدافع عن “القطاع المظلوم” وكأن لا شيء آخر يستحق أن يُقال تحت القبة.
النائب، الذي يبدو أن ذاكرته البرلمانية قصيرة أو انتقائية على الأقل، لم يجد ما يستحق الطرح سوى أوضاع المستثمرين في قطاع النسيج، متناسياً أو متجاهلاً بلياقة محسوبة أن عشرات المستخدمين في وحداته الصناعية يعيشون تحت رحمة التضييق وتأخير الأجور، وضبابية الحقوق، وبيئة عمل تعود بنا إلى ما قبل مدونة الشغل.
ومع ذلك، لم يرَ السيد الدفوف في هؤلاء العمال سوى “هوامش تشغيل” لا ترقى لمستوى النقاش البرلماني.
وفي سؤاله “الحاد” الموجه لكاتب الدولة المكلف بالصناعة والتجارة، تحدث النائب عن “الاختلالات” التي تعيق القطاع، وعن قدرة النسيج على التصدير والمنافسة، “لو توفرت الشروط”.
شروط لم يحددها بدقة، لكن فهمها البعض على أنها نوع من “تبسيط المساطر” و”رفع الحرج الضريبي” و”تيسير مناخ الربح”، وليس تحسين ظروف العمال أو احترام الحد الأدنى للأجور.
من جهة أخرى، يغرق الإقليم الذي يمثل الدفوف على الورق في مشاكل مزمنة تتعلق بالنقل، والتعمير، والهشاشة، وارتفاع البطالة، لكن يبدو أن النائب لا يرى في كل هذا سوى تفاصيل لا تستحق عناء المداخلة. فالبرلمان، وفقاً لرؤيته، ليس منبراً لمطالب الساكنة، بل صالة اجتماعات فاخرة لمستثمري الداخل.
وفي ذات السياق، يغيب عن السيد النائب أن شركات الوساطة التي يتعامل معها قطاعه “المحبوب”، هي نفسها التي تفتح الأبواب للمستخدمين من خارج المدينة، وتغلقها في وجه شباب طنجة باسم “الخبرة”، بينما يعاني الآلاف من أبناء المدينة من بطالة مقنعة لا تثير اهتمام أي مداخلة.
هكذا، يُختزل العمل البرلماني في “ترافع مقنع” عن المصالح الخاصة، وتتحول الجلسات إلى منصة للمرافعة الاستثمارية، بينما يظل السؤال معلقاً: هل نحن أمام نائب أُرسل ليمثل الأمة، أم رجل أعمال استعار عباءة التمثيل للدفاع عن مشاريعه؟
في كلتا الحالتين، المؤكد أن صوت المدينة غائب… والنسيج حاضر.