وسط مشهد سياسي لا يخلو من تعقيدات، وضمن ما صار يعرف بـ”واقعة الكرسي”، واصل موقع طنخرينو تقصيه لكواليس بلاغ “التضامن” الذي بني بسرعة غير مألوفة لنصرة البرلمانية سلوى الدمناتي إثر ما اعتبر إهانة من مسؤول التواصل بجماعة طنجة، عبد الرحيم الزباخ.
وكشف التحقيق أن عدداً من المستشارات الموقعات على البلاغ لا ينتمين أصلاً إلى المجلس الجماعي لطنجة، بل هن مستشارات بمقاطعات تابعة للمدينة، لا تربطهن علاقة مباشرة بمكتب العمدة أو بمسؤول التواصل المعني بالحادثة، مما يطرح علامات استفهام حول مصداقية البلاغ ومصدره.
وفي تصريح لأحدى المستشارات، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، تبين أنها لم تكن على علم بأن البرلمانية لم تكن مدعوة إلى اللقاء، وعبرت عن دهشتها عندما علمت لاحقاً أن حزب الاتحاد الاشتراكي وجه برقية شكر لعمدة طنجة على الاستقبال، ما يجعل توقيعات البلاغ تبدو أقرب إلى توقيعات على وثيقة لم تُقرأ.
من جانب آخر، أكدت المستشارة أن البرلمانية مارست ضغوطاً مكثفة باتصالات متكررة أشبه بحملة انتخابية داخلية، وأقنعتها بأن الأمر يتعلق بإهانة للنساء ومؤامرة ضد المناصفة، فكانت النتيجة توقيع بلا وعي كامل، على بلاغ يبدو أقرب إلى مرافعة سياسية شخصية منه إلى تضامن مهني.
وفي شهادة أخرى، تحدثت مستشارة ثانية عن أنها لم تكن تعلم شيئاً عن تفاصيل الحادث سوى أن “سلوى تعرضت للإهانة”، فانطلقت التوقيعات كما توزع الحلويات في حفلات الزفاف، لتكتشف لاحقاً أنها وقعت على بلاغ يحتوي على مغالطات وتصفية حسابات، لا صلة له بمناصرة المرأة أو الكرامة.
المستشارة أبدت استغرابها من الخلط بين الشأن السياسي والبروتوكولي، مشددة على أن مسؤول التواصل لم يرتكب خطأً حين طبق التعليمات المعمول بها في مثل هذه اللقاءات، وأن البرلمانية ارتكبت خطأً حين طالبت بـ”جلب كرسي” كما لو كان اللقاء في مقهى شعبي وليس في جلسة رسمية.
وأضافت أن الزباخ ليس مسؤول ضيافة ولا مكلفاً بتهيئة مقاعد الجلسات، بل يعمل ضمن ديوان العمدة وفق اختصاصاته وبجدول بروتوكولي واضح، ما يجعل التساؤل عن معيار الجلوس أو الوقوف في هذا السياق أمراً يبدو مضحكاً.
وفي النهاية، عبرت المستشارة عن أسفها لتحول الحادث إلى موجة سياسية مفتعلة، معتبرة أنه كان من الأفضل عقد جلسة بسيطة بين البرلمانية والمستشار والعمدة بدل إصدار بلاغات تضامنية لا يعلم بعض موقعاتها حتى مضمونها.
في المجمل، تبدو قضية “التضامن” وكأنها تمثيل مكرر لصناعة عاصفة في فنجان، حيث اختلطت النوايا، وتاهت الحقيقة بين بروتوكول لم يُحترم، وتضامن لم يُفهم، وبلاغات وُقعت تحت الضغط أو الجهل، لتصبح نموذجاً لكيفية استغلال خلاف شخصي في معركة سياسية.