عرفت المجزرة الجماعية لمدينة طنجة المتواجدة بسيدي احساين، يوم أمس الإثنين، حالة من التوتر الشديد والاحتقان، بعدما وجد عشرات الجزارين أنفسهم أمام أبواب مغلقة منذ الساعات الأولى من الصباح وحتى منتصف الليل، في مشهد يعكس حجم الفوضى والعشوائية التي باتت تهيمن على هذا المرفق العمومي الحيوي.
وفي هذا الإطار، عبر الجزارون، الذين افترشوا الأرض واصطبروا لساعات طويلة تحت أشعة الشمس، عن سخطهم الشديد من غياب أي مسؤول أو بلاغ رسمي يوضح سبب هذا الإغلاق المفاجئ، خاصة في فترة تعرف ضغطا كبيرا بفعل تزايد الطلب على خدمات الذبح استعدادا لعيد الأضحى.
ولم يكن ليمر هذا المشهد دون أن يحمل “مفاجأة مألوفة”، تمثلت في الظهور المتأخر ولكن المدروس بعناية لنائب عمدة مدينة طنجة المكلف بالمجزرة الجماعية، عبد العظيم الطويل، الذي لم يأتي إلا بعد أن تأكد أن الصحافة وصلت وأن الكاميرات بدأت في التصوير، في لحظة درامية بامتياز، لا تخلو من دلالات سياسية وانتخابية واضحة.
وفي ذات السياق، يصف بعض متتبعي الشأن المحلي هذا الظهور بـ”البطولي على طريقة أفلام الهواة”، حيث بدا السيد الطويل كمن نزل من عليائه لينقذ الجزارين من محنتهم، لكنه في الواقع لم يأت إلا لالتقاط صورة في لحظة أزمة، لعلها تنفعه لاحقا في موسم الاقتراع، حيث المشهد كان أقرب إلى عرض انتخابي منه إلى تدخل إداري مسؤول.
ويُشار إلى أن عبد العظيم الطويل، المنتمي لحزب الاتحاد الدستوري، أصبح معروفا بمثل هذه التدخلات التي توصف محليا بـ”الاستعراضية”، حيث يفضل الانتظار حتى تتعالى الأصوات ويصل الضجيج إلى الصحف، ليطل بوجهه ويفتح الأبواب التي كان يمكن أن تفتح ببساطة في وقتها دون استعراض.
ويرى متابعون أن هذه الحادثة تضع علامات استفهام كبيرة حول طريقة تدبير المجزرة الجماعية، وغياب قنوات التواصل مع المهنيين، مما يؤكد أن المشكل أعمق من مجرد إغلاق مؤقت، ويتعلق بسوء إدارة وتوظيف سياسي لمرفق يفترض أن يُدار بمنطق الخدمة العمومية لا بمنطق الحملات الانتخابية المتنكرة.
وفي ختام هذا المشهد الفوضوي، يبقى الجزارون وحدهم من يدفع الثمن، بين قلة احترام لمهنتهم وحقوقهم، وانتهازية سياسية لا تتردد في استغلال لحظة أزمة لصناعة وهم بطولي ،والأنكى أن كل هذا يحدث تحت أنظار المجلس الجماعي، الذي يكتفي بالصمت، أو يرسل مبعوثه حين يسمع صوت الميكروفونات.