لا يزال المشهد السياسي بمدينة طنجة يغلي على نار هادئة، أو لنقل، على نار الإشاعات المتجددة التي تحاول بعض الأطراف أن تطهو بها وجبة انتخابية قبل أوانها.
وعادت بعض الأقلام وأحيانا بعض الصفحات الممولة لتروج لخبر انتقال يوسف بن جلون، المستشار البرلماني ورئيس غرفة الصيد البحري المتوسطية السابق، من حزب الاتحاد الاشتراكي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، وكأن الأمر “صفقة انتقال شتوية” في الدوري السياسي الممتاز!
وفي هذا الإطار، استُغلّ تكريم بن جلون خلال “ليلة العرفان” التي نظمتها مؤسسة طنجة الكبرى للعمل التربوي والاجتماعي خلال شهر رمضان الفائت، وهي المؤسسة المعروفة بكونها الذراع الثقافي والاجتماعي لحزب الأحرار بإقليم طنجة أصيلة، كدليل قاطع أو هكذا اعتقد البعض على أن الرجل حزم حقائبه السياسية وغير وجهته نحو ضفة الحمامة.
لكن، من جهة أخرى، يبدو أن الإشاعة لم تصمد طويلا أمام الواقع، فسرعان ما عاد بن جلون إلى الأضواء، لا من باب حفلات التكريم هذه المرة، بل من صميم الأنشطة التنظيمية لحزبه الأصلي، حيث شوهد حيا يُرزق سياسيا يوم السبت 24 ماي الجاري، وهو يقود أشغال هيكلة فرع مقاطعة الشرف السواني لحزب الوردة، الذي عادت رئاسته للنائبة البرلمانية سلوى الدمناتي. وهكذا سقطت الإشاعة سقوطا دراميا أمام مشهد لا يقبل التأويل: يوسف باقٍ ويتمدد في حزب الوردة.
وفي ذات السياق، تقول مصادر مقربة ممن يعرفون من “ينفخ في الرماد” إن إشاعة انتقال بن جلون لم تكن سوى محاولة من حزب الأحرار لإعادة رتق العلاقة مع الرجل، بعد أن كان قد غادرهم في آخر لحظة قبل انتخابات 2021، بعدما تعرض لما يشبه “البلوكاج الداخلي” من بعض القيادات المحلية وعلى رأسهم المنسق الإقليمي لحزب الحمائم بإقليم طنجة أصيلة.
من جانب آخر، يحاول البعض تصوير القيادي عمر مورو كمن لم تكن له يد في إقصاء بن جلون، وكأنما يقول له بلغة السياسة: “أنا بريء من دم يوسف!”، محاولا تمرير رسالة مفادها أن الطالبي العلمي وعزيز أخنوش هما من كانا وراء تلك القرارات. وهي رواية لا تنقصها الحبكة، لكن يظل السؤال: لماذا الآن؟
ويرى متتبعون أن هذه التحركات لا تعدو كونها محاولة لإعادة ترتيب الأوراق، وربما اختبار مدى شعبية بن جلون في المشهد السياسي الطنجاوي، في انتظار ما قد تحمله الانتخابات المقبلة من مفاجآت أو مناورات.
وهكذا، تبقى الحقيقة الوحيدة في كل هذا الضباب، أن السياسة بطنجة لا تعرف لحظة ملل، وأن الإشاعة فيها تسبق المعلومة، تماما كما يسبق الضجيج الحقيقة، وربما أياا كما يسبق طموح البعض المنطق.