يبدو أن المشهد السياسي في طنجة لا يخلو من المفاجآت، بل يكاد ينافس في دراميته بعض المسلسلات التركية المدبلجة.
وكشفت مصادر حزبية مطلعة، ومعتادة على تسريب الأخبار الساخنة، أن محمد الغزواني غيلان، النائب الأول لعمدة المدينة، قرر مغادرة “عش الحمامة” متجها نحو “حقول الجرار”، حيث تعهّد، وبكل أناقة، لعمدة المدينة منير ليموري، بالالتحاق رسميا بحزب الأصالة والمعاصرة مع أول محطة انتخابية قادمة.
وباتت الانتقالات الحزبية تشبه انتقالات اللاعبين في الميركاتو الصيفي، مع فارق أن الأداء الحزبي لا يقاس بعدد الأهداف، بل بعدد الوعود.
وأضافت ذات المصادر أن رد فعل قيادة الأحرار لم يتأخر كثيرا، حيث دخل عمر مورو، رئيس الجهة والمنسق الإقليمي، على خط الأزمة، محاولا رأب صدع حزبي أحدثه، ويا للمفارقة، شقيقه عبد النبي مورو، الذي لا يبدو أنه اكتفى بإزعاج الخصوم، بل انتقل إلى مضايقة الحلفاء أيضا، حيث أصرّ على تحويل الحزب إلى “إقطاعية داخلية”، وجند فريقه في المجلس الجماعي لشن حملة شعواء على غيلان، فقط لأنه تجرأ على الاختلاف، أو بالأحرى، على التفكير بصوت لا يمر عبر مرشحات آل مورو.
من جهة أخرى، وجد غيلان نفسه محاصرا من داخل البيت، وتحديدا من فريق التجمع بالمجلس الجماعي، الذي تحول في الآونة الأخيرة إلى ما يشبه فرقة إنشاد لا تخرج عن نغمة عبد النبي مورو.
ولم يكن الهجوم على غيلان مجرد خلاف سياسي، بل أقرب إلى جلسة تقريع حزبي لمن تجرأ على التفكير خارج الصندوق، أو بالأحرى، خارج “قفص حمامة عبد النبي”.
وفي هذا الإطار، يسود استغراب كبير في الأوساط السياسية الطنجاوية حول كيفية تحول الحزب، الذي يُفترض فيه الانضباط المؤسساتي، إلى ساحة شدّ وجذب عائلية، يدفع ثمنها الحزبيون الغافلون والناشطون المترددون، بينما يدار المطبخ من غرفة معيشة واحدة، فيها كل شيء إلا الديمقراطية الداخلية، ويحاول الأخ الأكبر ترميم ما أفسده الأخ الأصغر، بينما يقف غيلان بينهما وكأنه في مشهد من مسرحية عبثية، لا يدري فيها من الحليف ومن الخصم.
وتجدر الإشارة إلى أن غيلان، المعروف ببراغماتيته السياسية، لا يرى مانعا من تغيير الألوان الحزبية إن اقتضت الضرورة، حتى وإن كانت الحمامة رمزاً للسلام، فهي لا تُمانع أحيانا في أن تحلق صوب الجرار، إذا كانت التربة هناك أكثر خصوبة أو أقل ضجيجا.
ولم تعد السياسة في طنجة، كما في مدن كثيرة، تمارس على أساس البرامج والمبادئ، بل على أساس “أين المصلحة؟ ومن يملك مفاتيح المرحلة؟”.
وفي انتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة، يبقى السؤال مطروحا: هل ينجح مورو (الأخ الأكبر) في إنقاذ ما تبقى من زينة الحمامة، أم أن الجرار سيبدأ فعلا في حرث الطريق لغيلان على مهل، استعداداً لحصاد انتخابي مرتقب؟ الأيام وحدها كفيلة بكشف الفصل الأخير من هذه المسرحية الحزبية الطنجاوية.