أثناء انعقاد الدورة الثانية والعشرين للمجلس الإداري للوكالة الحضرية لطنجة، لم يفوت يونس التازي، والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، الفرصة ليضع الأصبع على جرح التعمير المزمن بالمدينة، متحدثا بلغة مباشرة لا تخلو من غمز ولمز، عن فوضى عمرانية يبدو أنها بلغت سن الرشد، وأصبح من الصعب تجاهلها أو التظاهر بأنها مجرد “مرحلة انتقالية”.
التازي، الذي بدا حازما في نبرته، دعا إلى التحلي بالإيجابية وتقبل النقد، لكنه لم يُخف امتعاضه من بعض السلوكات التي وصفها بالبيروقراطية المفتعلة، وكأن الإدارة أحيانا تتفنن في وضع العصي في دواليب مشاريع يفترض أن تكون رافعة للتنمية.
أما في ما يخص التراخيص، فكان صريحا: “من له الحق يأخذه، ومن يسوق لصورة سوداوية، عليه أن يراجع الأرقام بدل أن يبدع في التأويلات”.
ولأن طنجة لم تعد تتحمل مزيداً من “العبث المعماري”، كما قال التازي، فقد وجه سهام نقده نحو من سماهم بـ”أباطرة البناء العشوائي”، الذين لم يكتفوا بتوزيع الإسمنت كما توزع الحلويات في الأعياد، بل تسببوا في تعطيل مشاريع وتعقيد حصول المواطنين على شواهد الربط، وكأنهم يملكون مفاتيح الماء والكهرباء شخصيا.
لكن لا بأس، فهناك لجنة مشتركة تسهر على ذلك، ما دامت “النية سليمة”.
وفي حديثه عن محيط محطة القطار ومنطقة السانية، شبه الوالي تأثير بعض المشاريع على المجال الحضري بـ”حوتة كتخنز الشواري”، تشبيه شعبي لا يحتاج إلى تأويل كبير، لكنه يعكس ببلاغة مغربية الواقع العمراني الذي يفرض نفسه بوقاحة على التصاميم والتخطيطات.
أما جماعة اكزناية، فبدل أن تتحول إلى نموذج للتنمية، تحولت إلى معمل للتجاوزات العقارية، حيث تمكن قلة من الفاعلين العقاريين من نسف التصور العمراني بالجملة، تاركين السلطات تعيد رسم الخرائط كما يعيد الطالب الخائب ورقة الامتحان بعد الصفر.
وفيما يخص الفنادق، أشار التازي ساخرا إلى أن بعض الأطراف تحاول تمرير مشاريعها الخاصة تحت شعار “أين الفنادق؟”، بينما الحقيقة، حسب الأرقام، أن المدينة رخصت لـ12 فندقا جديدا، تضم 1300 غرفة، وهو رقم كاف حتى لا يضطر السائح للنوم في العراء، كما قد يعتقد البعض.
باختصار، الوالي أوصل الرسالة: طنجة ليست ملكا لمن يعتبرها ضيعة عقارية، والإسمنت المسكوب بلا منطق لن يمرر هذه المرة بنفس السهولة.