يبدو أن الأمين العام لحزب الاستقلال، نزار بركة، يسير بثبات نحو تفجير قنبلة سياسية جديدة داخل بيته التنظيمي بمدينة طنجة، وذلك بعد تسرب معلومات تؤكد استعداده لإعادة ترشيح البرلماني ورئيس مقاطعة بني مكادة، محمد الحمامي، ضمن لائحة مرشحي الحزب للانتخابات التشريعية المقبلة.
ولا شك أن هذا القرار يشبه قنبلة موقوتة، لكنها ليست من النوع الذكي الذي يستهدف الخصوم، بل هي من النوع الذي قد ينفجر في وجه الحزب ذاته.
وفي هذا السياق، لا تخفي القواعد الاستقلالية محليا استياءها العميق من هذا التوجه، الذي وصفه عدد من المناضلين بـ”إعادة ارتكاب المعصية السياسية ذاتها”، وكأن حزب الميزان لا يكتفي بالوقوع في الحفرة، بل يعود ليقيس عمقها مرة أخرى بنفس الأقدام.
و يتهم عدد من الاستقلاليين الحمامي بتكريس التفرقة داخل التنظيم، وسلوك نهج إقصائي تجاه الطاقات الشابة والكفاءات التي يزخر بها الحزب، في مشهد يشبه مأساة مسرحية لا يُسمح فيها إلا بدور واحد: الزعيم الأوحد فالرجل كما يتداول خصومه لا يؤمن إلا بـ”أنا ومن بعدي الطوفان”، وهو ما ترجمته الانقسامات الداخلية والكمّ المتزايد من الشكايات.
وفي هذا الإطار، لم يضف الحمامي للحزب بطنجة إلا التوتر، وكأنه يستمتع بإثارة الجدل كما يستمتع البعض بتقليب الجمر.
وعُرف أكثر بتصريحاته النارية من منجزاته الواقعية، أبرزها مقولته الشهيرة: “أنا هو الحزب فطنجة، ولا أعرف لا أمين عام لا والو”، وهي عبارة تصلح، حسب البعض، عنوانا لمسلسل كوميدي من إنتاج طنجاوي للأسف بدون جمهور ضاحك.
إلى جانب ذلك، يتهمه خصومه بالاعتماد على “أساليب بلطجية” لترهيب المخالفين، في مشاهد لا تختلف كثيراً عن أفلام الحركة، لكن من النوع الرديء الذي يُعرض في منتصف الليل، ويُنصح بعدم مشاهدته لمن يعانون من ضغط الدم.
وعلى مستوى التدبير المحلي، يبدو أن مقر مقاطعة بني مكادة تحول إلى “المكان الذي لا يذهب إليه أحد”.
وكشفت شهادات متطابقة أن الحمامي نادراً ما يُرى هناك، وكأن المقاطعة تُسيَّر عبر التحكم عن بُعد.
والنتيجة: شلل في الخدمات، وغضب شعبي، ومواطنون يتساءلون إن كانت المقاطعة تعمل بتقنية “الشبح الإداري”.
من جانب آخر، يوصف الحمامي داخل المجلس الجماعي لطنجة بأنه “بهلوان التحالف”، ينتقد العمدة صباحاً ويمدحه مساءً، في محاولة لإتقان فن القفز السياسي الثلاثي، دون أن يفقد توازنه حتى الآن.
ويرى متابعون للشأن السياسي المحلي أن إصرار نزار بركة على منحه تزكية الحزب مجدداً لا يفسَّر سوى في خانة التعلق بالماضي، أو ربما الخوف من غضب “أنا هو الحزب”، في وقت باتت فيه سمعة الحزب ومستقبله على المحك.
كما يطالب مناضلو الشبيبة الاستقلالية بفرصة للتنفس داخل حزبهم، بعد أن أُغلق عليهم باب الأمل من طرف قيادة تمارس فن “التدوير السياسي”، حيث يتم تجديد الوجوه القديمة بدلا من تجديد الدماء.
فهل يتراجع نزار بركة في اللحظة الأخيرة عن هذا التوجه؟أم أنه سيمضي في تزكية الحمامي، وكأن طنجة لا تستحق إلا من يراها مزرعة خاصة؟
أيامٌ قليلة، وستظهر الحقيقة… وربما أيضا الحلقة الجديدة من مسلسل “أنا هو الحزب”.